الانتصار أمام تكنولوجية العدو

الانتصار أمام تكنولوجية العدو

كانت نيران العدو تلتهب عفرين، لم نكن نتحمل ان نرى ذلك من دون ان نحرك ساكناً  فعزمنا بالانضمام الى الحرب التي تحدث هناك . في البداية وضعنا لأنفسنا مخططاً  للذهاب الى عفرين وبدآنا بتحضير أنفسنا من جميع النواحي حسب المخطط وذهبنا الى ارض الزيتون . كنا نحن الرفيقات وبعض من الرفاق من ساحة الشهيد هركول متواجدين هناك . بداية ذهابنا كنا في قرية (تشق ماق) كنا اول مجموعة قد دخلت القرية مع مجموعة الرفيق (أكر). ذهبنا الى ناحية بلبلة، انا والشهيد جياكر كنا ضمن مجموعة الرفيق أكر. الرفيق جياكر كان له اهداف كبيرة و دائماً كان يقول لا أريد ان استشهد الى ان نحرر عفرين كاملاً و ان نعلي اسم عفرين عالياً .

بداية أصيب الرفيق جياكر كانت اصابته ثقيلة ولكنه لم يظهر ذلك ابداً كان بابتسامته يقوي عزيمتنا للتقدم الى الامام  كنا نأخذ منه القوة فهو كان  يقاوم رغم جراحه الثقيلة، كان دائماً يقول لي ” رفيقة دورشين لا تتركي الحرب واستمري بها ودائماً أظهري قوتك للعدو ولا تخافي منه أبداً” بعد أسبوع من اصابته بقي في المشفى من اجل ان يتعالج  إلا انه  اتى مرة اخرى إلينا و لم يكمل معالجته .

 كان دائماً يقول ان هدفي الأول هو تحرير عفرين ويجب ان احقق هدفي مهما كان الثمن . استشهدا الكثير من الرفاق بجانبي  ولكن دائماً كنت أخذ القوة منهم و لم اكن اتراجع ابداً الى الوراء لانني كنت احمل امنياتهم و احلامهم و كلماتهم الاخيرة قبل ان يلتحقوا بقافلة الشهداء الابرار  .  ذهبنا الى ناحية راجو، اتى الرفيق سردار وقال لنا العدو يقترب منا لذا يجب ان تذهبوا الى التلة، فحضرنا أنفسنا أنا والرفيق أمد وذهبنا الى التلة، حاصرونا العدو هناك كنا انا والرفيق أمد فقط. الرفيق أمد عندما  كان يطلق  رصاص كان  سلاحه يقف  ولم يكن يعمل في اللحظات الحرجة ، بعدها كان يقول لي “رفيقة دورشين أعطيني سلاحك سأحارب عنكي وانتِ احميني” لم اكن اقبل بان اعطيه السلاح  كنت أقول له انا سأحارب وانت احميني.

 كنا لا نسمع أصوات بعضنا البعض لانه الطائرات كانت لا تقل زيارتها علينا كانت آذاننا لا ستمع من شدة الضغط . بعدها ذهب الرفيق أمد الى الأسفل بقيت لوحدي فوق التلة وحاربت هناك بقيت لوحدي في الحصار. ولكن استشهاد الرفاق و ذكراهم كان يعزز من قوتي و يجعلني اقوى اكثر فاكثر كنت لا اقبل الاستسلام كنت اقاوم امام هجمات العدو.

كانت حرب عفرين هي اولى الحروب التي كنت قد دخلت فيها. كنا نحارب ضد التكنولوجيا الحديثة و المتطورة المتحدثة وجميع الأسلحة المتقدمة الا اننا كنا صامدين لاننا كنا نعرف بانهم يخافون منا و لا يجرؤنا على قتالنا سوى من وراء تلك الاسلحة  ولكنهم لم يستطيعوا ان يحاربوننا وجه لوجه.

 ولعبت دوري هناك كمقاتلة من وحدات حماية المرأة ، عندما بقيت في الحصار وحدي كنت أفكر بالقائد آبو ولم تمر في خيالي سوى أحاديث الشهيد كمال دائماً كان يقول لي “ان بقيت لوحدك يوماً ما فقد تذكري القائد آبو وقولي لنفسك “هيا يا دورشين لا تستسلمي” دائماً كنت أتذكر العهد التي قطعته للرفيق كمال وكنت اسير حسب تلك العهود وهذا الذي جعلني ان أقف على اقدامي وبقائي بالحصار كانت ذوو اوقات صعبة للغاية عليّ لأنها كانت أول مرة احس بمشاعر غريبة  وكان الخوف ايضاً يسيطر عليّ قليلاً و كنت اقول لنفسي كيف لي ان اخلص نفسي أو اذا اسرت فكيف سأتصرف ولكن كنت افكر بالقائد والرفاق الشهداء دائماً وهذا الذي جعلني اخلص نفسي الحصار و تمكنت مرة اخرى الى ان اسند ظهري الى ظهر الرفاق الاخرين . بعدها وصلنا الى رفاق الكتيبة وكيفما وصلت الى الرفاق اعطوني المعنويات وكنت سعيدة بلقائي الرفاق مرة اخرى . فمثال الرفيقة برجم والشهيدة زيلان والشهيدة بريتان وشهيد أسمين كانوا يعطوني معنويات عالية، كانوا يعتقدون من انني قد اسرت من قبل الاتراك ولكن فرحوا كثيراً عندما رأوني بعد مدة . ونسيت كل الالام التي عشتها  في ذلك  الحصار وتذكرت الأشياء التي تعطيني المعنويات والسعيدة،

 فمثلاً كنت أتذكر رفاقنا الذين استشهدوا في عفرين والرفاق الذين يعيشون الان معنا فقد كنت استمد منهم القوة ، الرفيقة سارة كانت رفيقة شابة وكانت حديثة الانضمام ولكن كانت تقاوم امام جميع المصاعب والمتاعب فبداية كنت استمد القوة من الرفيقة سارة لأنها كمرأة كانت لعبت دوراً هاماً في تحقيق الانتصارات. فحاربت ببطولة رغم اصابتها البليغة حتى اخر رمق من حياتها الى حين استشهادها حاربت  حتى الطلقة الأخيرة التي بقيت معها، نحن كنا نتأثر كثيراً بمحاربتها وكنا نستمد القوة منها حتى في الحياة. العدو اخذ جثمان الرفيقة سارة وسلاحها معهم. الرفيقة سارة كانت دائماً تقول “اريد ان امشي على طريق الشهيدة سارة (ساكينة جانسز) وكانت تقاوم امام جميع المصاعب. الشهيدة فيان ايضاً كانت تريد ان تحارب وهي ايضاً كانت رفيقة شابة ولكن الرفاق لم يجعلوها تذهب الى الجبهات لأنها لم تكن مستعدة للخوض في الحرب  و لكنها كانت تصر على المطالبة بالدخول الى الحرب . في بعض الأحيان كنا نحتفل بروح الرفيقة فيان كمقاتلة بين صفوف  وحدات حماية المرأة  التي سارت ايضاً على خطى الشهداء الذين استشهدوا في سبيل الحرية وخاصة  و بانهم كانوا يسيرون على نهج وايديولوجية حرية المرأة.

 فإنهن حاربنّ حتى نقطة دمائهن الأخيرة وقاومن امام العدو القذر الذي أراد سلب ارادتنا ولكن بمقاومة الرفاق من امثالهم لم يستطع العدو سلب تلك الإرادة. بعد الانسحاب من عفرين فقد قالوا الرفاق لا نريد الانسحاب منها بعدها تحدثوا معنا واعطونا المعنويات وفسروا لنا سبب الانسحاب لذا وضعنا كل شيء امام اعيننا وتقربنا حسب هذه الأشياء. حرب عفرين لم تكن كباقية الحروب  لقد كانت حرب بتكنولوجية الدولة التركية ولم تكن هناك حرب وجهاً لوجه ولكن نحن كوحدات حماية المرأة قاومنا حتى امام تلك الهجمات القذرة حتى الأخير. فقد كنا مجموعة يتألف من رفيقين وأربعة رفيقات كنا سوية كانت الروح الرفاقية بيننا عالية  ودائماً كنا نفكر بالانتصار وكيفية المحاربة وعندما كنا نحارب بقوة وبسالة فإننا كنا نأخذ المعنويات من بعضنا ونستمد القوة من الرفاق بجانبنا.

 رغم إصابة الرفاق الا انهم كانوا يحاربون ببطولة  وجسارة  كنت اريد ان أصبح مثلهم،  وان  لا اتراجع الى الوراء و احارب الاعداء  مثل الشهيد جياكر والشهدة سارة والشهيدة فيان والشهيد كمال كنت اريد ان امشي على نهجهم.

 فمثلاً الرفيق كمال عندما اتى الينا كان المسؤول عن كتيبتنا كان يقول “سأذهب الى العملية العسكرية” ولكننا لم ندعه يذهب ولكنه كان يصر على اقوله بالذهاب “اريد ان اذهب الى هذه العملية فهي مهمة بالنسبة لي” فهو كان رامي قذيفة B7 ولكن و بعد بوقت قصير  قصفت مكان تواجدهم 3 ثلاث طائرات مروحية  والشهيد كمال ضرب طائرة الهليكوبتر. فهو قاوم مقاومة كبيرة امام تلك الطائرات رغم جراحه الذي في قدميه حارب ببسالة وشجاعة و استمد القوة من حربه. مثلاً الشهيدة زيلان والشهيدة أسمين والشهيد بروسك فانهم قد لعبوا دوراً هاماً في مقاومة العصر وكنت أتأثر كثيراً بحربهم رغم انني كنت لا اعرف ان احارب مثلهم الا انني كنت استمد منهم المعنويات وهم الذين علموني كيفية المحاربة لذا اعاهد ان أكون دائماً على نهجهم وان أكمل الطريق الذي سلكوه الى ان أصل الى أهدافهم وان أكون لائقة بدمائهم الطاهرة .

 دورشين كوباني

شاهد أيضاً

اسمى قيم الفدائية…الخلود

تمهيد الخلود كلمة متفرعة بقدر قدسيتها فلكل الشعوب هدف تخليد تاريخها, معالمها, لغتها وثقافتها, لذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *