مع مضي أسبوع على مقاومة العصر التي تأثرت شعلتها بمقاومة كوباني ازدادت وهجاً ونوراً يوماً بعد آخر بدماء أبنائها الفدائيين، حيث سطروا على مدار 58 يوماً ملاحم بطولية ضد طغاة العصر وإرهابييه، في الليلة السابعة من المقاومة وبعملية ارتقت الفدائية من أرض السلام عفرين إلى سماء الحرية.

نبذة عن آفيستا خابور الفدائية

ابنة مقاطعة عفرين الاسم الحقيقي زلوح حمو، مواليد 1998 مدينة حلب، من أهالي قرية بيليه في ناحية بلبلة بمقاطعة عفرين، شقيقة 4 أخوات و3 أخوة شباب وهي الكبرى بينهم، والدها أحمد حمو وأمها أمينة حمو.

ولدت وترعرعت آفيستا في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب السورية وعاشت طفولتها هناك، ومع اندلاع شرارة الأزمة السورية أجبرت عائلة المناضلة على النزوح إلى محافظة دمشق بحثاُ عن الأمان ولقمة العيش، وكونها كبرت في أجواء الحرب والدمار عاشت طفولة قاسية وصعبة.

روح المسؤولية والحب لدى آفيستا دفعتها لحرمان ذاتها من حق التعليم واستبداله بالاعتماد على الذات وهي في سنٍ صغيرة من خلال العمل مع والدها في ورشة للخياطة، لتأسس مستقبل عائلتها وأشقائها الصغار بعيداً عن الأنانية حتى عدم التفكير بمستقبلها.

رسمت آفيستا في صغرها الكثير من المواقف واللحظات الجميلة بقيت في قلوب من عاشروها إلى يومنا هذا، طيبة قلبها كانت طريقاً للمحبة بينها وبين الآخرين، فبحسب ما ذكر ذوو آفيستا فإن تصرفاتها في الكثير من المواقف لم تكن كتصرفات الأطفال، نظراً لوعيها والجدية فيها.

نمت الروح الثورية داخل آفيستا في صغرها، حيث استشهد خالها في قوات الدفاع الشعبي (الكريلا) في أعوام التسعينات، وكثيراً ما كانت تذكر لأهلها بأنها ترغب برفع سلاح خالها الشهيد والانتقام لأعداء شعبها الكردي المظلوم.

وبعد أن اشتدت الهجمات في دمشق، عادت العائلة إلى مسقط رأسها في قرية بيليه، وهناك تعرفت آفيستا على الحركة وانخرطت في صفوف ثورة روج آفا وقرأت أفكار أوجلان وقصص المقاومة لشهداء الثورة متأثرة بالشهيدة بريتان، وكون الأحوال المادية لعائلة آفيستا كانت سيئة ولم يتمكنوا من تأمين عمل مستقر وسط الظروف التي تمر بها البلاد اضطرت أن تتخذ قراراً بالهجرة لخارج سوريا.

وحينما سمعت آفيستا هذا القرار لم تستطع الكتمان وأعلنت غضبها على العائلة ولم تقبل بالهجرة.

في صفوف YPJ وجدت الحياة الحرة بمعناها الحقيقي

من هنا تغلغلت الروح الثورية لدى آفيستا أكثر وسارعت للانضمام لصفوف وحدات حماية المرأة في عام 2014، كون نظرتها للحياة كانت مختلفة عن باقي الشابات اللواتي في مثل سنها، وقررت أن تعيش حياة حرة بمعناها الحقيقي بعيداَ عن التقليد.

وجدت آفيستا في صفوف وحدات حماية المرأة كل ما كان يدور في عقلها من أفكار وإجابات لتناقضاتها، وسعت لإثبات ذاتها من خلال تلقي تدريبات فكرية وعسكرية وأصبحت مقاتلة في قوات مكافحة الإرهاب وانخرطت في صفوف الثورة ووسعت معرفتها بالاستفادة من تجاربها في الحياة الثورية.

صوت آفيستا جمال يضاف لتجمع المقاتلين والاحتفاليات

إلى جانب كل الصفات والمميزات التي تعرفت عليها آفيستا خلال مسيرتها الثورية، اكتشفت أيضاً صوتاً جميلاً وعذباً كانت تملكه إلى أن أصبح صوتها جمالاً يضاف إلى كل احتفالية ويجمع بين المقاتلين والمقاتلات بترديد الأغاني الثورية والوطنية بكل إحساس.

تأثراً بالمناضلة بريتان وعلى خطا آرين ميركان نفذت عملية فدائية

وأثناء مشاركة آفيستا خابور في مقاومة العصر بمقاطعة عفرين وبقرية حمام الشاهدة على أعنف الهجمات وأروع البطولات قامت بعملية فدائية بتاريخ 27/كانون الثاني 2018 أثناء الاشتباكات القوية التي دارت بين وحدات حماية الشعب وجيش الاحتلال التركي ومرتزقته، فجرت آفيستا خابور قنبلة يدوية تحملها ودمرت دبابة كان فيها عناصر الاحتلال التركي.

ويذكر بأن الشهيدة آفيستا أهدت مقطعاً مصوراً وأغنية بصوتها قبل 3 أشهر من استشهادها لوالدتها المغتربة، لتكون آخر ذكرى تتركها لوالدتها قبل تنفيذها العملية الفدائية، وفي التسجيل تطمئن على والداتها، وتعبر عن سعادتها في مسيرتها الثورية كما أن تعالي صوت ضحكتها يظهر مدى ارتفاع معنوياتها، ولشدة حنانها تنقد ذاتها لأنها لا تستطيع التواصل مع والدتها بشكل مستمر كونها متمركزة في الجبهات الأمامية.

 آفيستا  أدخلت مقاومة العصر لمرحلة جديدة من المواجهة

آفيستا خابور بعمليتها الفدائية وروحها الجسورة أعادت عصر المقاومة إلى الأذهان عندما قارعت الجيش التركي ومرتزقته، فسطر التاريخ اليوم وبعد عام من تنفيذ العملية مقاومتها في كل العالم واستمد شعب شمال سوريا من شجاعتها الإصرار على مواجهة العدوان التركي الغاشم على المنطقة، إذ أدخلت آفيستا مقاومة العصر لمرحلة جديدة من المواجهة وهي أن النصر سيكون بروح الفداء.

تكريماً لشجاعتها أنشئ أول مزار باسم مقاتلة في شمال شرق سوريا

أنشأ مجلس عوائل الشهداء في مقاطعة عفرين بتاريخ 31 كانون الثاني من عام 2018 مزاراً باسم الشهيدة “آفيستا خابور”، وتكريماً لتضحيتها، والذي احتضن المئات من شهداء مقاومة العصر المدنيين والعسكريين، افتتحت المئات من الدورات التدريبية العسكرية والفكرية باسم المناضلة آفيستا خابور، وسمت العشرات من العوائل بناتهن باسم المناضلة آفيستا تيمناً بشخصيتها الفدائية، كما أن صورها وشعاراتها باتت في مقدمة كافة التظاهرات والمسيرات الثورية في العالم وشمال شرق سوريا.

الاحتلال التركي أظهر ضعفه أمام آفيستا خابور مرة أخرى

وفي انتهاكٍ صارخ للقيم والمبادئ الإنسانية دمر جيش الاحتلال التركي بتاريخ 12 آب من العام ذاته مزار الشهيدة آفيستا خابور الواقع بالقرب من مركز عفرين بجرافة (تركس).