عشر سنوات على تأسيس وحدات حماية المرأة YPJ

تَمُرُّ اليوم، 4 إبريل/ نيسان الذِّكرى العاشرة لتأسيس وحدات حماية المرأة (YPJ)، والتي تركت بصماتها على مُجمل الحراك العسكريّ في روج آفا وشمال وشرق سوريّا، كإحدى التعبيرات المُكثَّفة عن تطلُّعات المرأة وشعوب هذه المنطقة نحو الحُرّيّة والاستقرار والسَّلام.
إنَّ الظروف الدَّقيقة التي تأسَّست فيها الوحدات، من حيث تزامنها مع بدء الأزمة في سوريّا، وانزلاق جميع الأطراف نحو التطييف والتمذهب، جعلتها رائدة بأن رفعت شعار تحرير المرأة وتمكينها لتكون القائدة في مسيرة ثورة 19 يوليو/ تمّوز في روج وشمال وشرق سوريّا، حتّى طبعت الثَّورة باسمها لتغدو “ثورة المرأة”.
فالمراحل التي مَرَّ بها كفاح وحدات حماية المرأة، منذ أوَّل كتيبة تأسَّست في بلدة “جندريسه” بمنطقة عفرين – كتيبة الشَّهيدة “روكن” – وحتّى الآن، جعلت منها قوَّةً رئيسيّة في إفشال كُلّ المخطَّطات التي حاكها الأعداء ضُدَّ مناطقنا. فهي شاركت في معظم معارك التَّحرير، بدءاً من معارك تحرير كوباني من مرتزقة تنظيم “داعش” الإرهابيّ، ومروراً بصَدِّ هجماته على شنكال وفتح الممرّ الآمن بينها وبين روج آفا وإنقاذ أرواح آلاف الإيزيديّين، ومن ثُمَّ المساهمة في تحريرها عام 2015، وكذلك مشاركتها الفعّالة في مقاومة العصر بعفرين أثناء غزو الاحتلال التُّركيّ لها، مروراً بمعارك التصدّي للاحتلال التُّركيّ ومرتزقته في سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض في عام 2019، وليس انتهاء بمعارك دحر تنظيم “داعش” الإرهابيّ في “الباغوز”، إلى جانب الحملات العسكريّة المتتالية لتطهير مناطقنا من خلايا التَّنظيم الإرهابيّ، إن كانت في مخيّم الهول أو أثناء الهجوم على سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة.
لقد قدَّمت الوحدات خلال مسيرتها الكفاحيّة خيرة مقاتلاتها وقيادياتها، فأوَّل شهيدة لها في روج آفا وشمال وشرق سوريا كانت الشَّهيدة “سلافا” التي استشهدت أثناء التصدّي لهجمات مرتزقة الاحتلال التُّركيّ على منطقة “شيراوا” التّابعة لعفرين في يونيو/ حزيران 2013.
كما أنَّ مقاومة الشَّهيدة “آرين ميركان” على قمَّة جبل “مشته نور” بكوباني، كتبت فصلاً جديداً من مقاومة المرأة في ثورة 19 يوليو/ تمّوز، وغيّرت مسار المعركة في كوباني، ولتبدأ بكتابة نهاية تنظيم “داعش” الإرهابيّ فيها.
وتوالت مقاومات المرأة ضمن صفوف (YPJ)، بعد أن استطاعت أن تتمدَّدَ أفقيّاً وعموديّاً، حيث كانت مقاومات “بارين كوباني” و”آفيستا خابور” التي هزَّت العالم أثناء مقاومة العصر بعفرين، وكسرت شوكة الأعداء.
وأنشأت الوحدات الأكاديميّات العسكريّة الخاصّة بها، حيث تفتتح الدَّورات التَّدريبيّة لمقاتلاتها، حيث تتلقّى المنضمّات لها الدّروس الفكريّة والسِّياسيّة، إلى جانب التّدريبات العسكريّة على مختلف صنوف الأسلحة، وبما يساهم في رفع الكفاءة القتاليّة لديهُنَّ.
ولا يخفى على أحد أنَّ عناصر تنظيم “داعش” الإرهابيّ كانوا يخشون من مقاومة المرأة، أكثر من الرَّجل، ومن خلال هذه البطولة الأسطوريّة، تمكَّنت المرأة من أن تحتلَّ مكانتها العالميّة، حيث كُرِّمَت الوحدات من قبل العديد من الدّول والمؤسَّسات والمُنظَّمات الدّوليّة، ليس فقط لمحاربتها تنظيم “داعش” الإرهابيّ، بل بمساهمتها الكبيرة في رفع شأن المرأة وتحريرها من القيود التي طالما كبّلتها طيلة العهود الماضية، وآخرها كان تكريم ممثّلة وحدات حماية المرأة من قبل مجلس الشّيوخ الفرنسيّ قبل أيّام وقبلها في إسبانيا ودول أوروبيّة أخرى.
كما أنَّها شاركت إلى جانب وحدات حماية الشَّعب في تأسيس قوّات سوريّا الدّيمقراطيّة عام 2015، ومثَّلت العمود الفقريّ لها، من خلال مشاركتها في جميع الحملات العسكريّة التي أطلقتها (قسد)، لتحرير “الطبقة، سَدَّ تشرين، منبج، الرِّقَّة، وريف دير الزور الشَّرقيّ”.
فالمرأة التي ظَلَّت تعاني من الإقصاء والتَّهميش في مجتمعاتها، وجدت المساحة الكافية لها لتُعبِّرَ فيها عن شخصيّتها وكينونتها ضمن وحدات حماية المرأة، والتي منحتها القوَّة الكافية لتكون الشَّريك والنِّدَ الحقيقيّ للرَّجل في بناء المجتمع السِّياسيّ والأخلاقيّ الإيكولوجيّ في مناطقنا، فحقّقت بذلك العدالة الاجتماعيّة التي ننشدها جميعاً.

https://youtu.be/OfKMc78g2Bk

شاهد أيضاً

التقرير الشهري لانتهاكات الدولة التركية _ أب

انتهاكات احتلال الدولة التركية لشهر اب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *