الحرية هي الحياة و لكنها ليست كالماء فهي ذات طعم و لون و رائحة قد وجدتها في كل شيء من حولي ، في الماء الذي اشربه و الطعام الذي أملأ به جوفي و في الهواء الذي يدخل صدري ! وجدتها في الطيور التي تغرد ، السعيدة بقدوم الربيع و في الاشجار و الزهور المتفتحة و التي تملا الجو بعبقها و في الوجوه الباسمة التي التقي بها على الطريق حتى تلك التي تعلوها التراب الاسود .فهي ليست شيئاً يهتدى ، فالرجل يستطيع ان يعيش حراً حتى في ضل الطغيان و الدكتاتورية و الرجل الذي يفكر بعقله و ليس بعقل شخص اخر فهو حر و الرجل الذي يكافح من اجل راي يؤمن به هو ايضاً رجل حر و لو كان كفاحه في الظلام .لا اعرف كيف اصف كل شيء من حولي و لا اعرف كييف اعبر عن احاسيسي الان بكل دقة و لكن كل ما ارغبه في هذه الايام بان اتعرف على شخصيتي عن قرب من ان و كيف اكون ..
أن ما اجده و ما اعيشه في هذه اللحظات اجمل من صور انسانية تكونت على اساس من الجهد و بذل عروق غزيرة لعشرات السنين ، جهود تتكل بالنجاح و تقترب من الانسانية و اجمل ما استطعت رؤيته و خاصةً تجربتي لفترة قصيرة ضمن حياة الحزب و اول ما يدافع هذ الحزب نحو النصر هي تلك الروابط الانسانية المتمثلة بالعلاقات الرفاقية و التي هي اسمى العلاقات البشرية . ومن خلال تعرفي على تلك العلاقات تعرفي قليلاً على نفسي لأنني كنت بحاجة الى شيء كنت قد افتقدته في محيطي السابق و جعلني المجتمع بان تتحول نفسيتي الى شخصية ضائعة بين ما هو صواب اتجه نحوه بين ما هو خاطئ و هذا ما يؤدي بشخصيةً الانسان الى كائن بدون حل و بدون قوة و ضعف الارادة و سلب الفكر و تحطيم المعنويات و لكل هذ الاسباب كان لابد من البحث عن مخرج من هذا الواقع ، ليست بالحلول الساقطة او بالاتجاه الى الهروب بل بالسير في طريق تعطي الانسان الفكر اولاً ثم خلق الارادة المستقلة و لا يمكن الوصول الى هذا إن لم يتعرف الانسان على ذاته و ماهي الاسباب التي ادت الى ضياعه و بما انني فرد نعيش في مجتمع ضاعت فيه كل القيم الانسانية و تشوهت فيه شخصية إنسانة الى ادنى الدرجات و تحولت فيه العلاقات الى علاقات دنيئة تبنى بدافع الغرائز وواقع حيواني بعيد كل البعد عن تفكير انساني بعد كل هذا ماذا سيحدث بعد ، بعد كل هذه التحليلات ماذا يتطلب مني كواجب انساني ، لا شك ان ما يتطلب اولاً هو بناء و تحرير الذات من رواسب الماضي و إنقاذ النفسية و الروح التي كانت اسيرة و خلق روح حرة و قلب ينبض طالبة بالحياة من جديد و عروق كانت قد تخثرت فيها الدماء و بدأت بحركة جريان الدماء من جديد بعد كسر ذلك الطوق الحديدي المخنوق ، نعم هذا ما حدث ، حدث تاريخي فلا بد من فهم فلسفة الحياة الجديدة و لابد من فهم فلسفة الحرية ، فهم الفلسفة الاوجلانية .
لغة اوجلان ، لغة الحق و الحقيقة ، لغة اضاءة عقول الملايين ، لسان يخاطب الانسان الجديد و يوقظ الضمير، لغة الوحدة والسلام و إيصال الانسان الى بر الامان ، لغة يلعن مشوهي التاريخ ، يرتجف الاستعمار من لسان اوجلان ! نعم لغة الحاضر و المستقبل لغة العشق الجديد . الحياة عميقة بعمق البحر تصادف فيها اشكالاً غريبة بمرور كل يوم تزداد الدهشة ، كل هذه الاشكال من اين اتت و من أي زمن تشكلت ! الكثير من الافكار و التساؤلات تدور في مخيلتي و لكن لا استطيع ان احول هذه الخيال الى واقع ، اعيش في عالم مازالت اجهله ، كل شيء يصادفني اراه غريباً و مازالت مقيدة بسلاسل من حديد ، عقلي مازال متجاهلاً الكثير من اسرار الحياة ، ما هو سر الحياة ؟و ما هو سر العالم ؟ وما هو سر الانسان ؟! اريد ان اتعرف على هذه الاسرار المخبئة بين ثناياها عجائب الدنيا ، لو تعرفا الانسان على تلك العجائب لتحول الى خارق ، نعم على الانسان ان يتعرف على ما يدور حوله وان يعرف في اية حياة يعيش ، وما هي متطلبات هذه الحياة و اولويات السير فيها و ربما نقول جميعاً بان اولويات استقرار الانسان هي الاكل و الشرب و لكن قل هذا و ذاك على الانسان ان يعرف ما هو و لماذا يعيش !ملايين السنين و الانسان يقاوم و يجري بسرعة جريان الزمن ، و الزمن يجري كالنهر الجاري الذي لا نهاية له و يصادف تعرجات و التواءات ، يرتفع و ينخفض و لكن لا يتوقف و الانسان يسير معه الى ان يحط رحاله في مكان ما ، رحلة الانسان تنتهي مع الزمن وما يتركه وراءه اثر بصمات ليدل على انه مر من هنا و لكن مازال الزمن يستمر و يستمر الى ما لا نهاية ….
روكسان