جميلات وطني يكشفن النقاب عن القبح الدّولتي

بينما كانت شعوب شمالي وشرقي سوريا يحتفلون بمناسبة مرور الذكرى العاشرة لثورة 19 تموز، تلك الثورة التي تحولت إلى أيقونة عالمية اختلطت فيها دماء الأحرار ودعاة الإنسانية من جميع أرجاء المعمورة في محاربة الإرهاب والتطرف.

ثورة حمت الإنسانية والعالم من إرهاب أعتى تنظيم إرهابي –داعش-. ثورة خرجت من إطارها المحلي لتصبح نموذجاً وملكاً للإنسانية وجميع الشعوب المضطهدة والتواقة للحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية.

من روج آفا أُعيد كتابة التاريخ من جديد بحروف من دمٍ والألم والجراح والعرق والكدح، حين قررت شعوبها بعد عقود من الاستبداد والديكتاتورية، الانتفاض في وجهها وقيادة الشعب لمجتمعه بنفسه.

ثورة أعادت للإنسانية والمجتمع والشعوب رونقهم، وثورة كانت بمثابة العودة إلى الذات بعد رحلة غياب في متاهات العبودية والظلام، ثورة العودة إلى الحقيقة إنها عين الحقيقة عبر استعادة وقيادة وريادة المرأة لمجتمعها، متحدية جميع الأعراف والقوالب والتابوهات والحدود والمعايير المصطنعة المفروضة عليها، والبعيدة كل البعد عن كينونتها وجوهرها.

حينما أدركت ذاتها، أدركت حقيقة مجتمعها، فأحدثت المرأة في روج آفا طفرة نوعية في تاريخ الثورات عبر التاريخ. حيث أوقدت ثورة داخل ثورة وسمتها بثورة المرأة. استمدت اسم ثورتها من اسمها لأنها أجمل وأفضل وأرق ما يمكن إن يعبر ويصف عن ثورتها المباركة.

ثورة أرعبت أعداء الإنسانية والطبيعة والمجتمع، لأنها مبنية على الفكر الحر المسؤول. نسوة قدّن ثورة لأنهن عشقن الوطن والإنسانية، خرجن من ذواتهن لتنعم مجتمعاتهن والعالم بالسلام والأمن والاستقرار. ثورة حطمت جميع حدود الخوف والممنوع وأصنام السلطة والاستعباد والاستبداد والديكتاتورية.

نساء عشقن الموت ليمنحن الحياة التدفق والصيرورة، فثرن غضباً على أعداء الإنسانية والحرية الذين يستمدون استمرارية وأمن وجودهم عبر إبادة الأخرين. نساء لقنّ العالم دروساً في التضحية والكفاح والأخلاق والإنسانية والوفاء وعشق الأوطان وأخوة الشعوب والعيش المشترك واحترام وتقدير المرأة وريادتها للمجتمع.

فنساء روج آفا كما عودتنا بأن تكونن حاضرة في جميع المحافل والمناسبات، وهذه المرة كما غيرها من المرات السابقة حيث نظمن ملتقى في مدينة قامشلو حول ذكرى العاشرة لثورة 19 تموز على مدار يومين 22 و23 تموز، وكانت القيادية جيان تولهدان في قوات سوريا الديمقراطية وقائدة وحدات مكافحة الإرهاب محاضرة في الملتقى تتحدث فيها عن مناقب ثورة المرأة التي أحدثت طفرة نوعية وحققت مكاسب عظيمة لها وضرورة الحفاظ عليها، متعهدة بنفس الوقت السير على نهج شهيدات الحرية والانتقام لهن واستكمال رسالتهن والمضي قدماً حتى تحقيق الثورة لأهدافها وحماية شعبها والعالم وتحقيق السلم والأمن الدوليين عبر القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه وتحرير المرأة وأخر شبر من الأراضي المحتلة.

وهي في طريق العودة بعد انتهاء اليوم الأول من الملتقى على طريق ما بين مدينة قامشلو وتربسبيه برفقة اثنتين من رفيقات دربها القيادية روج خابون وبارين بوطان في مكافحة الإرهاب، تعرضن لاستهداف عمل إجرامي وإرهابي من قبل طائرة مسيرة تركية ليرتقين إلى مرتبة الشهادة.

ولتستمر فعاليات الملتقى في اليوم الثاني مع رفع صور الشهيدات الثلاثة، وتعهد جميع المشاركات السير على نهجهن واستكمال رسالتهن وبأن تتحول محاضرة القيادية جيان تولهدان عن المرأة وثورتها إلى تعليمات لهن.

بالأمس كانت هفرين وزهرة وبارين وهبون وسعدة وغيرهن الكثير الكثير من القديسات اللواتي ارتقين إلى مرتبة الشهادة، واليوم جيان وبارين وروج. وبالرغم من جميع إجرام دولة الاحتلال التركي بحق نساء شمالي وشرقي سوريا، لم تتمكن النيل من إرادتهن واصرارهن وعزيمتهن على العكس من ذلك دائرة النضال والاصرار في المقاومة تتسع يوماً بعد يوم.

الدولة التركية بعملها الجبان بحق القياديات لهو خير دليل من أجل الانتقام لداعش، وكسر عزيمتهن، وفشلها في إقناع الفاعلين الأساسيين في الأزمة السورية بشن عملية عسكرية جديدة على مناطق الإدارة الذاتية.

مثلما حملت شهيدة اليوم بارين اسم الشهيدة بارين كوباني في مقاومة العصر في عفرين، ستحمل العشرات من بعدها اسمها وتستكمل رسالتها في تحقيق الأمن والسلام والعدلة والديمقراطية ومكافحة الإرهاب والتطرف وتجفيف منابعه.

المجتمع الدولي اليوم مرة أخرى يكشف النقاب عن وجهه القبيح بصمته المطبق حيال إجرام الدولة التركية باستهداف من حموهم من الإرهاب والتطرف ومازالوا. هؤلاء هم صمام الأمان لحماية العالم من الإرهاب والتطرف. واليوم أمام مسمع ومرأى المجتمع الدولي يتعرضن لعمل إجرامي إرهابي جبان من قبل دولة الاحتلال التركي.

 قديسات وطني نمن قريرات العين. الشهيدة “جيان” وتعني بالعربية “الحياة”، مثلما منحتِ الحياة بشهادتك ونضالك للملايين حول العالم في مقارعة الإرهاب والتطرف، سيبقى اسمك خالداً في وجدان الإنسانية. أما أنت جميلتي “روج” وتعني بالعربية “الضياء”، مثلما انرت درب الملايين من النساء حول العالم وأزحت ستار الظلام سيبقى ضياء فكرك وروحك يشع في سماء وطني وفي قلب دعاة الإنسانية. وأخيرة عزيزتي “بارين” مثلما كنت تنثرين عبق المحبة والتضحية والوفاء للجميع دون استثناء ستبقين خالدة في الوجدان.

شاهد أيضاً

اسمى قيم الفدائية…الخلود

تمهيد الخلود كلمة متفرعة بقدر قدسيتها فلكل الشعوب هدف تخليد تاريخها, معالمها, لغتها وثقافتها, لذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *