هكذا نرفرف بأجنحتنا

وحيدة وقفت في مهب الريح، شعرت بأنها ورقة تخلت عنها الأغصان، فأسقطتها الريح من عليائها وتركتها وحيدة وسط الفراغ بلا سند أو كتف تستند إليه هناك وفي مهب العاصفة الهوجاء التي عصفت بها، لم تجد بداً كي تدافع عن نفسها فرفرفت بأجنحتها كما مثيلاتها وحملت قلبها سلاحاً في وجه الريح العاتية، علت، حلقت ثم سمت، فأشعلت السماء بنيران بندقيتها وأزاحت الغيوم المتراكمة والتي أرادت أن تجعل سماء روج آفا معتمة كما قلوب أولئك المسلحين السوداء مثل أعلامهم هكذا نحن…. مقاتلات وحدات حماية المرأة، لم نعد نشعر بالوحدة ولم نعد نخاف الريح ننتظرها بحزن كي تقصف زهورنا، لم ننحي للعاصفة، بل جعلنا الريح صديقة لنا، وساعدتنا بدورها في حملنا عالياً، كطيور بأجنحة عملاقة نرفرف في سماء روج آفا، فندافع عن أهلنا وأرضنا بقلوب ملئها الأمل والنصر، وما أكثرنا من صقور جارحة، كـ( سلافا وبيريفان عفرين) وغيرهن، والتي كانت من أوائل الشهيدات اللواتي تلونت السماء بدمائهن كقوس قزح، استشهدت دفاعاً عن عفرين الجريحة، مدينتها الشامخة على قمم الجبال نعلم جيداً أن الرياح تعري الناس وتكشف الوجوه، وتفضح الحروب، فهناك من يصير أكثر جمالاً وإشراقاً وهناك من يصير قبيحاً، ليس بفعل العواصف بل لأن قناعه سقط، لترى أنت القلب وحقيقته. نعلم أيضاً أن الرياح تجمعنا، فمن تفرقوا هناك وتوزعوا في أماكن مختلفة لابد أن يتلاقوا مع آخرين، تقاطعت دروبهم صدفة، ليعيدوا ترتيب أوراقهم ولينطلقوا في مغامرة مع الحياة، تحمل التجدد والتفاؤل، فالرياح لن تسكت أبداً، فهي تعصف باستمرار، ولن تبقى الحياة على وتيرة واحدة، إنما عود الأوراق يصير مع الوقت صلباً، ينحني أحياناً ويواجه أحياناً أخرى، يكابر ويتحايل، فيمضي إلى الأمام بعناد أكبر.

لن تسكت الرياح، إنما تتحول إلى نسمات تحيي جبهة الوطن فيبتسم لها، يرد التحية ويتأمل عبورها بارتياح.

هكذا نحن…. نلملم جراحاتنا وآلامنا وأحزاننا وأفراحنا وحتى انتصاراتنا الصغيرة ونحلق عالياً، لا يحدنا حدود ولا تغلق في وجوهنا السماء أبوابها لأننا جعلنا من عفرين وكل مدينة في روج آفا عشاً لنا، عشنا نعود إليه مهما هاجرنا أو ابتعدنا، ولو استشهدنا في سبيل حريتنا فستكون شواهد قبورنا شاهدة على عليائنا الأبدي في سماءات وطن جميل جريح يأبى الاستسلام.

شاهد أيضاً

اسمى قيم الفدائية…الخلود

تمهيد الخلود كلمة متفرعة بقدر قدسيتها فلكل الشعوب هدف تخليد تاريخها, معالمها, لغتها وثقافتها, لذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *