تحقيق حلم الشهداء

برفين رزكار

كنت من ضمن الرفاق الذين حاربوا في كوباني ، عندما شن المرتزقة الهجمات على كوباني  2014 في  محاولة منهم للإبادة الشعب الكردي و الطوائف التي تعيش بسلام هناك و أيضاً كسر إرادة المرأة التي تسعى لتحقيق العدالة في كل مكان في بقاع العالم و التي تسعى لنشر رسالة و التي تنص بـأنها باقية صامدة مهما ارادوا بان ينهوا وجودها و إنها بمقاومة كوباني أثبتت حقيقة إرادة المرأة الحرة. كوباني كانت تمثل بالنسبة إلينا التجارب الحقيقية كانت تتعالى فيها صرخات النساء الأحرار اللواتي فضلن الموت على الأستسلام .

في كوباني اسمها لا ينتسى لأن فيها عشنا الكثير من الذكريات المؤلمة والسعيدة اتذكر بأنني كنت عند مجموعة من الرفاق الذين كانوا يعملون على تفكيك الألغام كنت أنا و رفيقة أخرى من كوباني نفسها كانت واحدة من الرفاق تعرف اللغة التركية و لكننا نحن لم نكن نعرف التكلم اللغة التركية و عندما كان الرفاق يتحدثون لم نكن نعلم عن ماذا يتحدثون  و من ثم انضم إلينا رفيقين أخرين  فيما بعد لم يكونوا يعرفون اللغة الكردي بشكل جيد لم أكن أفهم منهم الكثير كانت أسماهما صعبة للغاية ،كان واحد منهم يدعى هلكورت و الثاني سركان، كانت الرفيقة افريم تتحدث معهم باللغة التركية و لكنني لم أكن أعلم كيف أتحدث معهما  و لذلك كنا نتلقى المصاعب لأننا لم نكن نفهم من بعضنا شيئاً و في مرة ذهبت لكي استدعيهما لم أكن أعرف كيفية مناداتهما كنت اجمع اسماهما معناً  كنا نضحك كثيراً  لأنني لم اتعلم نطق اسمهما في ذلك الوقت ، كانت الشهيدة افرين تحب بشدة ان تكون في الجبهات و لم تكن ترضى بغير ذلك كانت مرتبط بالحزب كثيراً و ذلك كان يظهر في الأعمال الحزبية التي كانت تقوم به  كانت امرأة جسورة و لا تعرف شعور الخوف كانت تقول : يجب أن لا نخاف من حثالة أمثالهم يجب علينا أن نكون أقوياء و أن نتصدى لهم في كل مكان و أن نكون كابوسهم الذي لا يتمنون أن يروه ابداً ، بعد مرور أسبوع على الطلب الذي طلبته من الرفاق تم فرزها الى الجبهات الامامية لأنها كان كل تفكيرها هو كيفية دحر العدو و إنهاء تواجده في كوباني فكانت من ضمن المجموعات المتحركة ، كنا نتحدث دائماً مع بعضنا كانت وبالرغم من أنها لا تعرف كيفية بناء الخنادق إلا أنها كنت تفعل و كأنها و لمدة طويلة تعمل بها  ، كانت ذكية للغاية و عندما تفكر بشي تفعله مهما كان بشرط أن لا تتعارض مع الخط الحزبي و كانت لديها طلب واحد فقط وهو أن تذهب الى الجبال الحرة و تكمل مسيرة النضال و المقاومة هناك ، كانت ترغب بأن تتنفس الهواء النقي على تلك الجبال التي تركت حسرة في قلبها ، عندما كنا معنا أقسمنا على إنه ، إنّ تاحت لنا فرصة الذهاب يوماً  فأنه يجب علينا أن نذهب إلى هناك إلا أنه استشهدت الرفيقة روجين بعد أن تفجر بها لغم كانت المرتزقة قد وضعه في احد البيوت  و أفرين استشهدت أيضاً عندما تم حصارها من قبل المرتزقة، فحاربت حتى وصلت الى مرتبة الشهادة  و بعد إنتهاء الحرب في كوباني أردت تحقيق القسم الذي قطعناه عندما كنا في كوباني و ذلك بأن اذهب لتحقيق حلمهما ، ذهبت الى الجبال الحرة التي كانتا ترغبان بأن تذهبا إليه  و صرخت بأعلى صوتي بأسمائهما من أجل أن يعرفوا بأنني حققت حلمهما و ذهبت الى الجبال الشاهقة  ،القائد كان يقول : المرأة التي تحبني يجب عليها أن تقصد الجبال الحرة  و بهذا الشكل حققت ما كنا قد أقسمنا عليه.

في الحرب عندما كنا هناك الأشياء التي تحدث كنت في شوقاً دائماً من الأحداث التي كانت تجري، لأنني كنت وقتها حديثة الانضمام، كانت هجمات داعش تزيد فينا الرغبة من أجل إنهاء تواجدهم وكلما كانت يستشهد أحداً من رفاقنا كنا نقوى أكثر و أكثر كانت معنوياتنا العالي هي التي ترعب العدو و العمليات الفدائية داخل كوباني التي كان الرفاق و الرفيقات يقمنّ بها كان يزيد من خوف المرتزقة و خاصةً عندما كانوا يسمعوننا نزغرد، عندما نحاربهم كانوا يتمنون الموت الف مرة و مرة. صحيحاً أنه أنتهت الحرب هناك إلا أنني لم أنسي أية لحظة سواء كانت سعيدة أو حزينة فيها وإلى الأن عندما أفكر أحس بأنني في قلب الحدث وارتجف وأرغب دائماً في إعادة أحياء هذه الذكريات من أجل أن لا تمضي وكأنها شيء حدث و مضى، لأنه يمثل تاريخاً لا ينتسئ أبداً، كنت أكتسب التجربة الى جانب الشهداء الذين فعلوا كل شيء يستطيعون من أجل حماية كوباني تعلمت منهم الكثير كيف أقاوم و كيف أزرع الخوف في أعين الأعداء، كيف اتحلى بالقوة، تعلمت كيفية رد الجواب للمرتزقة كل ذلك تعلمته منهم. لم يكن هناك وقت من أجل أن نصاحب بعضنا البعض أو نتعرف على الرفاق الذين نقف الى جانبهم و نحارب لأنه الحرب كانت حامية جداً كنت أنا و الرفيقة نوال نعمل مع بعضنا في أغلب الاوقات ، كنا ندور على المناطق التي كان رفاقنا يتمركزون فيها كانت القذائف تنهال علينا من كل الجوانب لم نكن نتوقف مع ذلك كله ، كنت أرغب بشدة في النقاش مع الرفيقة نوال و لأنه لم يكن هناك الوقت كنا نتحدث و نحن نمشي تحت أغطية القذائف كنا نراها و هي تسقط على مقربة منا كنا نضحك كثيراً لأننا كنا نعيش فيها و كانت القذائف تتحول الى أمطار من حولنا ، إلا اننا كنا نكمل حديثنا دون أن يقاطعه أي شيء من الأشياء التي تنهال علينا .كنا نزور الرفاق و نرى معنوياتهم العالية كنا نفرح كثيراً لذلك و أتذكر أنني رأيت الرفيقة الشهيدة أرارات،  كانت رفيقة قديمة في صفوف حركة الحرية عندما كنت أرى أي رفيق قديمة و أتعرف عليه ولو للحظات كانت الفرحة تغمرني لمعرفتهم لأنها لم تكن أحدث عادية بالنسبة إلي لأنني كنت أراهم كمصدر قوة بالنسبة إلي  و عندما كنا نعود أدراجنا كنا نعود من دون أن يحس الرفاق بنا, لانهم عندما كانوا يروننا لم نكن نستطيع ان نفارقهم و كنا نبقى عندهم لكثير من الوقت و لذلك عندما كنا نصل الى النقطة كنا نخبرهم بأننا قد مررنا من جانبهم من دون أن يحسوا بنا كان يتعجبون منا لأننا كنا نفعل ذلك كانت أيام و أوقات مليئة بالصعوبات و الشهادات إلا أنها في نفس الوقت كانت امتحان لقوة الرفاق  و إرادتهم في كوباني  . كنت اأعيش على ذكراهم التي تجدد الروح بها مع كل إشراقة شمس ودفئها الذي يشعر الإنسان بأنه في أحضانها.

شاهد أيضاً

اسمى قيم الفدائية…الخلود

تمهيد الخلود كلمة متفرعة بقدر قدسيتها فلكل الشعوب هدف تخليد تاريخها, معالمها, لغتها وثقافتها, لذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *